الرئيسية
 |
أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، صلاة الجمعة، بمسجد الحسن الأول بمدينة تارودانت. وأكد الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن الذين آمنوا بالله ربا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وعملوا بما يرضي الله ورسوله من الأقوال والأعمال، أمرا ونهيا، مما فيه صلاح البلاد والعباد، سيجزيهم الله تعالى الجزاء الأوفى، ويدخلهم جنة الفردوس لتكون لهم منزلا ومستقرا، خالدين فيها أبدا لا يطلبون عنها تحولا ولا بديلا. وأوضح أن الإيمان اقترن بالعمل الموصوف بالصلاح في كتاب الله وفي سنة نبيه الكريم، بحيث لا يكون هذا العمل عملا صالحا متقبلا نافعا في الدنيا والآخرة، إلا إذا كان منطلقا ومنبعثا من الإيمان السليم، وموافقا لهدي النبي الكريم، مبرزا أن الإسلام مجد العمل، ورفع قيمته، وربط كرامة الإنسان به، وجعله فريضة من فرائضه، وواجبا من واجباته. وأضاف أن الإسلام مجد، أيضا، العاملين المنتجين، ورفع قدرهم ومكانتهم، تشريفا للعمل الصالح المبني على الإيمان واليقين وتقديرا لصاحبه، الذي يكد ويجتهد في سبيل الحصول على قوته وقوت عياله ابتغاء وجه الله تعالى. وبعد أن ذكر الخطيب بأن الإسلام دين عقيدة وعبادة وعمل وسلوك، سجل أن بعض الناس لا يترجمون هذه المعاني السامية إلى سلوك عملي واقعي تطبيقي في حياتهم اليومية خاصة العمل الإنتاجي، سواء كان وظيفة أو زراعة أو صناعة أو تجارة، مذكرا بأن الدين الإسلامي اعتنى بالعمل الإنتاجي عناية كبيرة، بالنظر إلى أهميته البالغة في حياة الفرد والمجتمع. وأكد الخطيب أن ثروة بلدنا لا تنمو إلا بالعمل الكثير الجاد من كل فرد من أفراد المجتمع، بحيث إذا نقص عمل فرد نقصت الثروة بقدر قيمة عمله، كما أن الحقوق الاجتماعية، التي ترجع سواء للعاملين أو المرضى أو العاجزين، لا مصدر لها إلا من نتيجة العمل. وأشار إلى أن الأمم في العصر الراهن تعرف تنافسا شديدا، فالذي يعمل أكثر هو الذي يفيض من ثروته ما ينفعه ويحتمي به من الفقر ويطمح به إلى الكماليات بعد تحصيل الضروريات، أما أن يستسلم قوم منا إلى الكسل أو الغش، ويطلبون الحقوق، فهذا من المنكر بمنطق الدنيا والدين، مؤكدا أن العمل الصالح والكسب الطيب يعد من أعظم شعب العبادة والطاعة. إن الإسلام، يقول الخطيب، هو دين العزة والكرامة لأنه دين إخلاص العمل، وهذا الإخلاص في العمل هو المعيار الحقيقي لإيمان العبد وصدق نيته وطويته، وبه يثبت المرء حقيقة وجوده وأحقيته في خلافة الله تعالى في أرضه، التي أمر بإصلاحها وعمارتها، مؤكدا أن الدين ليس مجرد عبادات، بل إنه لا يفرق بين العبادات والمعاملات، ويشمل كل سلوكات الأفراد، ويضع في أعلى سلم الاهتمامات، وعلى رأس الأولويات كل ما له تأثير على حياة الجماعة، بما في ذلك الأرض التي تعيش عليها الأمة، وقيم الفضائل والتضامن والعزة التي تحفظ وحدتها، وترص صفوفها. وأضاف أن الدين يكون أكثر جاذبية للشباب، على الخصوص، إذا جرى التركيز على جانبه العملي وأبعاده الجماعية، سيما إذا شرحنا للأجيال مضامينه، وبينا للناس حقيقة هذا الارتباط بين العبادة والمعاملة، ما سيعود بالنفع العظيم على جميع الناس في أمور دنياهم زيادة على نجاتهم وفوزهم في أخراهم. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يسعى ليلا ونهارا لتوفير أسباب الطمأنينة والعيش الرغيد لجميع شرائح شعبه، وخلق فرص العمل المثمر الذي يغني عن السؤال، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع عفوه وجميل فضله وكريم إحسانه الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويطيب مثواهما، ويسكنهما فسيح جناته.  |
